كلمة معالي مدير جامعة الملك عبدالعزيز
|
الأستاذ الدكتور / أسامة بن صادق طيب
مدير الجامعة
في اللقاء الرابع للجودة الشاملة في الجامعة

الحمدُ لله القائلِِِِِِ: ( وأَََحسنوا إنّ الله يُحب المحسنينْ .. ) ، والحمدُ لله الذي بعث لنا رسولاً يَِهدينا إلى الحق وَيدعونا إلى إتقان العمل وجَعله السبيلَ إلى رضوان الله وجناته ، فقال عليه الصلاة والسلام ( إن اللهَ يُحبُ إذا عَمِلَ أحُدكم عَملاً أن يُتَقُنه ) فهل من بعد هذا قول ؟
فالله يُحبّ من العبدِ الإحسان في كل عملْ...
وفي إطاِر إحسانِِ العملِ نجتمعُ اليوَم ليُذكّر بعُضنا البعض الأخَر وُيعلّم بعُضنا البعض الآخر ونتبادلَ خبراتِنا في دأبنا على إجادة عملناِ وإحسانهِ في جامعتِنا الحبيبة...
لقد اخترنا التغيير شعاراً لهذا اللقاءِ الرابعِ للجودةِ الشاملةِ في الجامعةْ. اخترناه لأنه يحمل معاني عظيمةً لها دلالةُُ واضحةٌ على حياةِ الأمة فالحّق سبحانه وتعالى يقول (إن الله لا يغيرُ ما بقوم حتى يُغيروا ما بأنفسهم...) ولا يستوي التغيير... فإنْ كان التغييرُ إلى الخير فهو يقوُد إلى طريق الخير وإلى صراطٍ مستقيمْ ... وإن كان التغييرُ إلى الشر فهو يقود إلى طريقِِِ الضلالةِ والغوايِة وإلى التخلفِ والانحطاطْ .
وأجدها مناسبةً الآن لأوضح َ نظرتي في مجال الجودة الشاملة التي أفخر بأنني كنتُ ممن شارك في بداياتِها عام 1420-1421هـ فكرةً وتنفيذاً ... عندما كنتُ وكيلاً للجامعةْ .
إن الجودةَ الشاملةِ عبارةٌ عن منهجِ إحسانٍ وتجويد في العمل يدعو إلى التطوير والتغيير نحو الأحسنْ ، وهذا لا يتمُ إلا بهممٍ عاليةٍ وعزيمة وإصرار.
أيها الأخوةُ و الأخوات ُالحضورْ...
لم تتخذ الجامعةُ قرارَها التاريخي في 5 رجب 1421هـ في إطلاق برنامج الجودة الشاملة كأحدث أسلوب حضاري للارتقاءِ بجامعةِ الملك ِ عبد العزيز إلى مصاِف النجومْ ، إلا بعد أن وجدت أن الرتابةَ والجمود َ قد دبّا في بعضِ أوصاِلها بعد حوالي (35) عاماً من إنشائها.
وأحمد ُ الله سبحانه وتعالى أن هذا مرضُ عارضُ وليس شيخوخةْ.
هذا المرَض يحتاج إلى فريقِ صحي متكاملٍ لعلاجه... ولكن قبل ذلك يحتاجُ إلى أن ُيِحسّ المريضُ بمرضه و يعترف بحاجتِه للعلاجِ... وينزلَ من برجه ِ العاجي...
ويستعينَ بمحبيه وأصدقائِه... ويتكاتفَ مع أهلهِ وجلسائِه. وأعتقد ُ أن هذا هو حاُل الجامعةِ الآنْ فلقد حققَ إخواننا ممن حمل مسئوليةَ الجامعةِ ، خلالَ الأعوام السابقِة منذ إنشائه ، الكثير من الإنجازات التي نفخُر بها جزاهم الله خير ، وأصبح في الجامعة إمكانات بشريةٌ هائلةٌ وإمكاناتٌ كثيرةٌ ، لكن يكسوها بعضُ الغبار وُتعاني بعضاً من التعبِ ولا تعترفُ بما فيها من سلبياتٍ وتقف متكبرةً بعيدةً عن مجتمعها متنافرة في داخلها.
ومن ناحيةٍ أخرى فإن المجتمعَ والبيئة َ حولنا يتغيران باستمرار. والمنافسةُ تزداد ُ والاحتياجات ُ تتكاثرْ... فنحن أمام تحدياتٍ وتطورات ٍ جغرافيةٍ ومعلوماتيةٍ وثقافيةٍ وتجاريةٍ واقتصاديةٍ وعسكريةٍ لاحدودَ لها . وهناك تياراتٌ جارفة تتجه نحو ارتفاع شدة المنافسة بين مختلف المؤسساتِ والشركاتِ والكيانات ِ المختلفةْ ،مما يستوجبُ التطور للتأقلم مع هذه التغيرات ِ والتطورات ِ السريعة ِ والمتتاليةِ والتعاملَ والتفاعلَ مع متغيرات ِ العصر وهندسة َ استراتيجيات العمل ِمع الحفاظِ على الثقافةِ والهوية اللتين نشأنا َ عليهما .
إذن نحنُ بحاجةٍ إلى التغيير ونحن في حاجةٍ إلى التكاتِف و شحذِ الهمم لتحقيق هذا التغييرْ.
فالجامعةٌ تظل شابةً وقويةً مادام أبناؤها في مختلف مواقعهم متشربون برؤيةٍ ورسالةٍ ترجموهما إلى أهداف طموحةٍ لا يقف أمام تحقيقِها أيُ عائقٍ كانْ.
إن التغيَير لايعنى ابداً أن ما سبق كان سيئاً ولكن يعنى اننا لا بد أن نستخدمه كأداةٍ للتطوِير نحو الاحسنْ ، فكّل َحسنْ يُمكن أن يكون أحسنْ وما كان حسناً في وقتٍ ما ليس بالضرورة حسناً في كل وقتٍ ، وربما نذكر كتاب " من أكل وجبتي " الذي يوضَح الفرقَ بين الاثنينِ .
إن عملية التغيير ليست سهلةً ميسرةً ولكنها في الوقت نفسه ليست مستحيلةْ . إن التغيير الإيجابيَ عملية نسبية ،فهو يَمكن أن يُحقَق لنا النجاح فيما نريد وهذا نعتبره جزءاً من النجاحْ ، لكننا لن نقنع بهذا فقط ، بل نسعى إلى الوصول إلى قمِة النجِاح ،فنحن عندما نسألُ الله جل في علاه ، الجنةَ ، فإننا اقتداءً بالرسول صلى الله عليه وسلم واستجابةً لتوجيهه ، نطلب الفردوس الأعلى من الجنةِ فيجبُ أن لا يحّد طموحاِتنا حدّ ، وهذا هو ديدَن المسلمِ الحقِ .
إن التغَيير يتطلبُ هندسةً لنظم العملِ ، وطرقِ الأداء ِ ، والتخطيط ِ الجيد لإحداثه ، والتأكدِ من نجاحِه ، والتخلص من أساليبِ العملِ وطرقهِ التقليديةِ القديمةْ ، نحو بيئةِ عملٍ تُطوُر الأساليَب الإدارية القائمةَ إلى تفاعلٍ ديناميكي يتكيُف مع الظروفِ التنافسيةِ ومتطلبات العصر في بناء منظمةٍ متغيرة ... كما أنه يحتاج إلى المغامرةِ وسبر أغواِراّفاقٍ جديدةٍ وأفكار جريئةْ .
من أجل ذلك أتخذتُ مع إخوتي في الإدارة العليا للجامعة قرارَ التغيير ولن نحيدَ عنه بعون الله ،فالرغبَة جامحةٌ في تغيير المنهج الحالي ،وفى الاتجاهِ نحوَ التطور والتحديث الذي يرفع الكفاءة. الإنتاجية للعملِ ويفتح بابَ الإبداع والتجديد ِ وتغييرِ العمليات ِ الإدارية ِ بكل أشكالها وعلى كافة ِ المستويات ِ نحو بيئة ِعملٍ أكثرَ ديناميكية ٍ وأفضل تشابكاً واتصالاً .
وكان لابد للتغير والتطوير من ُخطةٍ واضحةَِ المعالِم فسارعْنا إلى استكماِل وضِع خطةٍ إستراتيجية ٍ ترسُم معالمَ واضحةً للطريقِ الذي يجبُ أن تسلكه الجامعةْ ،وهذه الخطةُ سوف تُعرض قريباً بإذن الله على مجلسِ الجامعةِ لاقرارِها . بدأنا في استحداث ِ كيانات ٍ جديدة تُعنى بالتطوير والتغيير، منها مايلي :
- وحدةُ التقويم الأكاديمي التي تعملُ للحصول على الاعتماد المهني لبعض الكليات ، والاعتماد المؤسساتي للجامعةْ ،وتطبيق معايير الاعتماد للكليات التي لا توجد لها جهاتُ اعتمادٍ عالميةْ ... فإن الاعتماد وسيلةُ وليس غايةْ.
- لجنةُ الهيكلة الأكاديمية للاستفادة المثلى من الإمكانات ِ وتقليل الازدواجية ومواكبةِ متطلبات ِسوق العمل ْ.
- لجانُ التعليمِ الالكتروني، و التعليم عن بعد.
- أنشطة التفاعلِ مع المجتمع و تفعيلِ دور العلاقات العامة في هذا المجال.
- مركز الكتاب الدراسيْ.
- مركزُ المقررات العامة .. لجانُ تطويرِ المناهج.
- المناطق التقنيةُ و حاضنات الأعمال.
- تطويرُ التعليم الجامعي استاذاً وطالباً ومنهجاً وطرقاً.
ولقد كان من أهم عناصر التغيير والتطويرِ استحداث ُ وكالةٍ متخصصة ٍ لذلك آلا وهي وكالةُ الجامعة ِللتطويرْ.. وكان لابد أن نختاََر من أبناءِ هذه الجامعةِ من تتوفرُ فيه مقوماتٌ قياديةٌ متميزةٌ ، وخبرة في النواحي الأكاديمية والإدارية والفنية ْ ، ودأب ٍ وإخلاصٍ في العمل وحب لهذه الجامعةِ بالإضافة إلى الشخصيةِ القويةِ والحزمِ بلا تسلط لكي يشغلَ هذا المنصبْ .
إن الجامَعة ثريةٌ بهذا النوع من الرجال ، فلم تكن هناك صعوبةٌ في اختيار أحدهم فوقع الاختيارُ على سعادة الدكتور / سالم بن احمد سحاب – ليكَون أول وكيل ٍ للجامعةِ للتطويرْ ، فهنيئاً لنا به ، ودعاؤنا له بالتوفيقِ والسداد ، فالمهمة ليست سهلةً وما هي بالعسيرةْ.
ومن ناحية أخرى بدأت وكالتا الجامعةِ الأخريان بقيادةِ أخي الأستاذ الدكتور/ محمد نور فطاني –والاستاذالدكتور / عبد الرحمن اليوبي – في نفض الغبار عن قطاعاتهما وتوجيهها وفقاً لتوجهِ الجودة ، والتطوِر ، ومجاراةِ التغيير في البيئة والمجتمعْ . فبدأوا بتطويرِ مركزِ تقنيةِ المعلوماتِ ، وتقويم الدراسات العلَيا وتوجيه البحث العلمي وفق استراتجياتِ مراكز التميزْ ، تطوير مركزِ اللغة الإنجليزية ، تطوير وسائل ِ متابعةِ التدريسْ ، والتزامِ الاساتذةِ ونتائجِ الاختباراتْ ،تطوير الأنشطة الطلابيةْ...
ولكن قبل كل هذا لايُمكن لأي تطوير أو تغيير أن يتم إلا بكم أنتم إخوتي معشر العمداء وأعضاءِ هيئة التدريس والإداريين والفنيين ، فإذا لم نتكاتف ْ ونتعاون ْ ونتواصى على الخير ويعملْ كل منا في موقعه بجد وإخلاص ِ ونكران ِ ذات ْ فلن يُكتَب لهذه الجامعة ِ التطويرْ . هذه يدي أمّدها إليكم لأضَعها في يديكم ونواصلُ البناء لهذه الجامعةْ ، جامعِتنا جامعِة الملِك عبد العزيز...... جامعِتنا جامعة الملك عبد العزيز .
لقد فتحت لكم بابي وبريدي وقبل ذلك عقلي وفكري .... وتلمست ُ آراءكم واقتراحاتِكم ... وطمعتُ في عطاِئكم وانتمائِكم لهذه الجامعة التي هي في دم وحياةِ وسمعة كل منا ... وهي مستقبل ُ كل منا ... فهلا بنينا مستقبَلنا ومستقبلها معاً!؟
أيها الزملاء والزميلات ...
لقد أنجزت الجامعة الكثير خلال السنوات السابقة في مجال الجودة الشاملة ، وقد سلطت لقاءات لجودة السابقة الضوء على إنجازات هذه القطاعات ونجاحتها في إحداث التغيير والتطوير المطلوبين ، وان الكثير من الوحدات والبرامج الجديدة نتجت من تبني الجامعة للجودة الشاملة فكان أن ظفرت كلية الهندسة بالاعتماد الأكاديمي العالمي لكافة برامجها وحصلت كلية الأرصاد والبيئة وزراعة المناطق الجافة على جائزة أحسن مؤسسة بيئية في دول مجلس التعاون الخليجي ، فهذا فخر لجامعة الملك عبدا لعزيز ووسام تتوشح به .
سيواصل برنامج الجودة الشاملة جهوده في مجال التوعية و التدريب... ولكن لن ولايمكن أن ُينجز البرنامج عملكم... ولا يستطيع أن يفكر بدلاً عنكم... فالتطور والتغيير لايتمان إلا منكم وبكم.
أيها الأخوةُ والأخواتْ...
إن الأمور لتتسارع في جامعتنا الحبيبة ، وإن الآفاق التي فتحتها الجودة الشاملة لنا عبارة عن بانوراما عريضة تمتد بطول الأفق بل وأبعد من ذلك . وإننا لنأمل من كافة منسوبي الجامعة كل حسب موقعه ومسؤولياته بذل قصارى جهده في إنجاح هذه المشاريع وعدم الوقوف موقف المتفرج منها ،بل يجب ان نشمر عن سواعدنا ولنعمل ، فالعمل عبادة ولنُرِىَ الله سبحانه وتعالى من أنفسنا ما يحب أن يراه فينا
فهل نحن فاعلون ؟ فهل نحن فاعلون ؟....أرجو ذلك
أيها الزملاء والزميلات ...
إن المجتمع ليتطلع إلى جامعة الملك عبد العزيز كي تقوم بدور أكثر فاعلية لتلبية احتياجاته . ونحن ،بعون الله وتوفيقه ، نرجو أن نكون دائماً عند حسن ظنه ، وسوف نعمل جميعاً متعاونين ومتكاتفين للقيام بالدور المناط بنا في خدمة الدين ثم المليك والوطن وأن نأخذ مكاننا في مصاف النجوم . ومرة أخرى أؤكد على أنه إذا لم نتكاتف ونتعاون ونتواصى على الخير ويعمل كل منا في موقعه بجد وإخلاص وتفان فلن يكتب لهذه الجامعة التطوير المنشود. هذه يدي أمدها إليكم لأضعها مع يدكم ونواصل البناء لهذه الجامعة جامعتنا – جامعة الملك عبد العزيز . وما ذلك على الله بعزيز ... وما التوفيق إلا من عند الله.
|